الحياة صندوق مغلق, ونحن جمعياً في حاجة ماسة إلى معرفة ما فيه, وليس له سوى مفتاح واحد, وذلك المفتاح هو (العمل).
في القرآن الكريم اقتران شبه مطرد بين الإيمان والعمل الصالح؛ وذلك لأن الإيمان يمنحنا الرؤية, ويدلنا على الطريق, والعمل هو الجواد الذي سنمتطيه لقطع ذلك الطريق.
أنا أشعر أن الله - تعالى - زود بني الإنسان بإمكانات هائلة, وأتاح لهم فرصاً عظيمة, لكنهم لا يستفيدون منها على الوجه المطلوب , لماذا ذلك يا ترى؟ !
هناك عدد من الأسباب, من أهمها الكسل, وانحسار الطاقة الروحية المطلوبة للاستمرار في بذل الجهد, وقد أعجبني قول أحد الحكماء: (ليس الإنسان ضئيلاً, لكنه كسول إلى حد بعيد). . لا يؤذيني منظر مثل ما يؤذيني منظر شاب يائس محبط عاطل عن العمل, يتسكع في الشوارع, ويطلب نفقته اليومية من أبيه الفقير المرهق!.
كافحوا أيها الأعزاء من أجل العثور على العمل الذي تحبونه, فإذا وجدتموه, فاهتموا به وأتقنوه, وانظروا إليه كما لو أنه امتحان صعب يتحداكم, وتذكروا دائماً أن الأعمال التي تنجزونها وفق معايير عالية تفتح لكم آفاقاً جديدة نحو فرص وأعمال أكبر لم تكن تخطر ببالكم, وهناك آلاف القصص والوقائع التي تؤكد هذا المعنى.
سوف تنجحون - بإذن الله - إذا حولتم الأعمال التي تقومون بها إلى مهنة تؤدونها باحتراف وإتقان, وعليكم بعد ذلك أن تنظروا إلى مهنتكم تلك على أنها مهمة يومية تستنفر كل قواكم الكامنة, وتشعرون وأنتم تؤدونها بأنكم تقومون بعمل عظيم.
العمل نعمة من الله, وليس مجموعة مشاق, وإن من العجيب حقاً أن العمل مهما كان صغيراً يمتلك نفس ميزات الكبير, وعلى سبيل المثال فإن العمل الصغير والعمل الكبير يحقق الآتي:
- يخلصنا من الفراغ.
- ينقلنا من مرحلة التخطيط والتمني والاشتهاء إلى مرحلة التنفيذ.
- يساعدنا على اكتشاف أنفسنا وقدراتنا ومواهبنا.
- يُحسن البيئة التي نعيش فيها؛ لتكون الحياة فيها بعد ذلك أسهل.
ما الذي يعينه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟
1- عليكم أن ترتبوا أموركم على أساس أن الحياة هي العمل, وأن العمل الجيد هو حياة جيدة.
2- إذا لم يحصل أحدكم على العمل الملائم له, فلا يجلس فارغاً, وليعمل في أي شيء نافع إلى أن يحصل على العمل الذي يحب.
3- لا تنظروا إلى المهن على أنها شيء شائن, فالشائن حقاً هو الحاجة إلى الناس والرشوة واللصوصية, وأكل أموال الناس بالباطل.
4- في البلد فرص كثيرة جداً وهي تنمو باستمرار, والمشكل هو عدم وجود مؤهلين لها, فـ أهلوا أنفسكم على نحو جيد.
ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الكاتب: الشيخ علي الطنطاوي
المصدر: موقع إسلام ويب